بدء الخليقة
1 فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ،
2 وَإِذْ كَانَتِ الأَرْضُ مُشَوَّشَةً وَمُقْفِرَةً وَتَكْتَنِفُ الظُّلْمَةُ وَجْهَ الْمِيَاهِ، وَإِذْ كَانَ رُوحُ اللهِ يُرَفْرِفُ عَلَى سَطْحِ الْمِيَاهِ،
3 أَمَرَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ». فَصَارَ نُورٌ،
4 وَرَأَى اللهُ النُّورَ فَاسْتَحْسَنَهُ وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظَّلامِ.
5 وَسَمَّى اللهُ النُّورَ نَهَاراً، أَمَّا الظَّلامُ فَسَمَّاهُ لَيْلاً. وَهَكَذَا جَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ، فَكَانَ الْيَوْمَ الأَوَّلَ.
6 ثُمَّ أَمَرَ اللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ يَحْجُزُ بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ».
7 فَخَلَقَ اللهُ الْجَلَدَ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمِيَاهِ الَّتِي تَحْمِلُهَا السُّحُبُ وَالْمِيَاهِ الَّتِي تَغْمُرُ الأَرْضَ. وَهَكَذَا كَانَ.
8 وَسَمَّى اللهُ الْجَلَدَ سَمَاءً. ثُمَّ جَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ فَكَانَ الْيَوْمَ الثَّانِي.
9 ثُمَّ أَمَرَ اللهُ: «لِتَتَجَمَّعِ الْمِيَاهُ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَهَكَذَا كَانَ.
10 وَسَمَّى اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضاً وَالْمِيَاهَ الْمُجْتَمِعَةَ بِحَاراً. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ فَاسْتَحْسَنَهُ.
11 وَأَمَرَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ خُضْرَةً، وَشَجَراً مُثْمِراً فِيهِ بِزْرُهُ الَّذِي يُنْتِجُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ فِي الأَرْضِ». وَهَكَذَا كَانَ.
12 فَأَنْبَتَتِ الأَرْضُ كُلَّ أَنْوَاعِ الأَعْشَابِ وَالْبُقُولِ الَّتِي تَحْمِلُ بُزُوراً مِنْ جِنْسِهَا، وَالأَشْجَارَ الَّتِي تَحْمِلُ أَثْمَاراً ذَاتَ بُذُورٍ حَسَبَ نَوْعِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ فَاسْتَحْسَنَهُ.
13 وَجَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ فَكَانَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ.
14 ثُمَّ أَمَرَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي قُبَّةِ السَّمَاءِ لِتُفَرِّقَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، فَتَكُونَ عَلاَمَاتٍ لِتَحْدِيدِ أَزْمِنَةٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينَ.
15 وَتَكُونَ أَيْضاً أَنْوَاراً فِي قُبَّةِ السَّمَاءِ لِتُضِيءَ الأَرْضَ». وَهَكَذَا كَانَ.
16 وَخَلَقَ اللهُ نُورَيْنِ عَظِيمَيْنِ، النُّورَ الأَكْبَرَ لِيُشْرِقَ فِي النَّهَارِ، وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِيُضِيءَ فِي اللَّيْلِ، كَمَا خَلَقَ النُّجُومَ أَيْضاً.
17 وَجَعَلَهَا اللهُ فِي قُبَّةِ السَّمَاءِ لِتُضِيءَ الأَرْضَ،
18 لِتَتَحَكَّمَ بِالنَّهَارِ وَبِاللَّيْلِ وَلِتُفَرِّقَ بَيْنَ النُّورِ وَالظَّلامِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ فَاسْتَحْسَنَهُ.
19 وَجَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ فَكَانَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ.
20 ثُمَّ أَمَرَ اللهُ: «لِتَمْتَلِئِ الْمِيَاهُ بِشَتَّى الْحَيَوَانَاتِ الْحَيَّةِ وَلْتُحَلِّقِ الطُّيُورُ فَوْقَ الأَرْضِ عَبْرَ فَضَاءِ السَّمَاءِ».
21 وَهَكَذَا خَلَقَ اللهُ الْحَيَوَانَاتِ الْمَائِيَّةَ الضَّخْمَةَ، وَالْكَائِنَاتِ الْحَيَّةَ الَّتِي امْتَلأَتْ بِها الْمِيَاهُ، كُلًّا حَسَبَ أَجْنَاسِهَا، وَأَيْضاً الطُّيُورَ وَفْقاً لأَنْوَاعِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ فَاسْتَحْسَنَهُ.
22 وَبَارَكَهَا اللهُ قَائِلاً: «انْتِجِي، وَتَكَاثَرِي وَامْلإِي مِيَاهَ الْبِحَارِ. وَلْتَتَكَاثَرِ الطُّيُورُ فَوْقَ الأَرْضِ».
23 ثُمَّ جَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ فَكَانَ الْيَوْمَ الْخَامِسَ.
24 ثُمَّ أَمَرَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ كَائِنَاتٍ حَيَّةً، كُلًّا حَسَبَ جِنْسِهَا، مِنْ بَهَائِمَ وَزَوَاحِفَ وَوُحُوشٍ وَفْقاً لأَنْوَاعِهَا». وَهَكَذَا كَانَ.
25 فَخَلَقَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ، وَالْبَهَائِمَ وَالزَّوَاحِفَ، كُلًّا حَسَبَ نَوْعِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ فَاسْتَحْسَنَهُ.
26 ثُمَّ قَالَ اللهُ: «لِنَصْنَعِ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا، كَمِثَالِنَا، فَيَتَسَلَّطَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ، وَعَلَى الأَرْضِ، وَعَلَى كُلِّ زَاحِفٍ يَزْحَفُ عَلَيْهَا».
27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.
28 وَبَارَكَهُمُ اللهُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَتَكَاثَرُوا وَامْلَأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا. وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَتَحَرَّكُ عَلَى الأَرْضِ».
29 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ أَصْنَافِ النَّبَاتَاتِ ذَاتِ الْبُذُورِ الْمُنْتَشِرَةِ عَلَى كُلِّ سَطْحِ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ يَحْمِلُ ثَمَراً فِيهِ بُذُورٌ، لِتَكُونَ لَكُمْ طَعَاماً.
30 أَمَّا الْعُشْبُ الأَخْضَرُ فَقَدْ جَعَلْتُهُ طَعَاماً لِوُحُوشِ الأَرْضِ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ وَالْحَيَوَانَاتِ الزَّاحِفَةِ، وَلجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ». وَهَكَذَا كَانَ.
31 وَرَأَى اللهُ مَا خَلَقَهُ فَاسْتَحْسَنَهُ جِدّاً. ثُمَّ جَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ فَكَانَ الْيَوْمَ السَّادِسُ.

اختبار

1:‏1-2:‏3 كان معظم شعوب الشرق الأدنى القديم، يتداولون أساطير ترتبط بكيفية تكوين العالم. وكان من أبرز تلك الأساطير تلك القصص التي حكت كيف أن أحد الآلهة انتصر على وحش شرس وقوي، يرمز إلى الفوضى، وبعد ذلك قام هذا الإله بتنظيم العالم بالطريقة المرتبة التي يعرفها الناس. وفي النهاية أعلن بقية الآلهة أنه الملك الإلهي المسيطر على العالم الذي خلقه، وتلك مكانة ظلت دائماً محل تحدٍ من قِبَل قوى الفوضى. وفي مقابل كل هذه الأساطير الوثنية، نادى كاتب سفر التكوين بعقيدة لاهوتية مختلفة اختلافاً جذرياً عن قصة الخلق في الاساطير، وهي أن الإله الحقيقي الواحد والوحيد لم يكن مضطراً إلى قهر قوى كونية رهيبة تمثل الفوضى ولكنه ببساطة أصدر أوامر ملكية أخرجت إلى الوجود هذا العالم المرتب، وهو الملكوت المنظور الذي مازالت هذه الأوامر تحافظ على بقائه وترتيبه. يعلّم هذا السفر عقيدة الخلق هذه في شكل رواية تسرد قصة أعمال الله في الخلق. ويسرد هذه الأعمال من منظور شاهد عيان على أحداث وقعت في مجلس الله الملكي، حيث خرجت أوامره الخالقة. للاطلاع على منظور روائي مشابه انظر (أي 1:‏6-12؛ 2:‏1-6). (للاطلاع على منظور روائي مختلف لما يلي ذلك، انظر التعليق على تك 2:‏4-4:‏26)
1:‏1 عبارة موجزة تتحدث عن الستة الأيام التي قام الله فيها بأعمال الخلق (انظر التعليق على 2:‏1). جاء تأييد حقيقة هذه الآية المهيبة في ابتهاج على لسان شاعر (مز 102:‏25) وكذلك في (إش 40:‏21). في البدء ... الله. دائماً ما يفترض الكتاب المقدس حقيقة وجود الله ولا يجادل فيها. رغم أن كل شيء آخر له بداية، فإن الله كائن منذ الأزل (مز 90:‏2). في البدء. يبدأ يو 1:‏1-10 الذي يركز على عمل المسيح في الخلق بنفس العبارة. خلق الله. كلمة «الله» هي الترجمة للاسم العبري الشائع إلوهيم Elohim. ورغم أن كلمة إلوهيم في صيغة الجمع، فإن الفعل معها يأتي في صيغة المفرد، وهو استخدام عادي في العهد القديم عند الإشارة إلى الإله الواحد الحقيقي. ويعبر هذا الاستخدام للجمع عن التكثيف والتعظيم وليس العدد، وهو يسمى جمع التعظيم، أو القدرة. في العهد القديم لا يستخدم الفعل العبري الذي يترجم «خلق» إلا لوصف عمل الله فقط وليس لوصف أعمال البشر. السماوات والأرض. تعبير يدل على الشمول «كل الأشياء» (إش 44:‏24). تُعلم أيضاً الكلمة المقدسة حقيقة أن الله خالق كل الأشياء في جا 11:‏5؛ إر 10:‏16؛ يو 1:‏3؛ كو 1:‏16؛ عب 1:‏2. كما يلخص إش 45:‏18 التعليم الإيجابي الموجِّه للحياة المذكور في الآية 1 تلخيصاً بديعاً
1:‏2 الأرض. مركز هذه القصة. مشوشة ومقفرة. تضفي هذه العبارة، التي لا تظهر مرة أخرى سوى في إر 4:‏23، هيكلاً لبقية الفصل (انظر التعليق على الآية 11. إن «الفصل» و«التجميع» الذي قام به الله في الأيام الثلاثة الأولى يضفي شكلاً، و«العمل» و«الملء» الذي قام به في الأيام من الرابع إلى السادس يزيل الفراغ. الظلمة ... المياه. تُكمل صورة العالم الذي ينتظر كلمة الله المانحة للنور والصانعة للنظام والخالقة للحياة. وإذ. أو «ولكن» الصورة الرهيبة (وهي صورة كانت مخيفة بالنسبة للشعوب القديمة) للحالة الأصلية للخليقة المنظورة تهدأ وتلقى راحة من خلال الإعلان الالهي أن روح الله العظيم يرفرف على الخليقة. يمهد الإعلان لكلمات الله الخالقة التي ستأتي فيما بعد. روح الله. كان فعالاً في عملية الخلق، وقدرته على الخلق مازالت مستمرة إلى الآن (انظر أي 33:‏4؛ مز 104:‏30). يرفرف على. مثل نسر يرفرف على صغاره عندما يتعلمون الطيران (انظر تث 32:‏11)
1:‏3 أمر الله. خلق الله كل الأشياء بأمره الملكي فقط (مز 33:‏6، 9؛ 148:‏5؛ عب 11:‏3). ليكن نور. جاءت الكلمة الخالقة الأولى لله لتستدعي النور في وسط الظلمة البدائية. والنور ضروري لجعل أعمال الله الخالقة منظورة وجعل الحياة ممكنة. وفي العهد القديم يرمز النور أيضاً إلى الحياة والبركة (انظر 2صم 22:‏29؛ أي 3:‏20؛ 30:‏26؛ 33:‏30؛ مز 49:‏19؛ 56:‏13؛ 97:‏11؛ 112:‏4؛ 58:‏8، 10؛ 59:‏9؛ 60:‏1، 3). كما يستخدم بولس الرسول هذه الكلمة ليصور عمل الله المجدد للخلق في القلوب التي أظلمتها الخطيئة (2كو 4:‏6)
1:‏4 كل ما خلقه الله حسن (انظر الآيات 10، 12، 18، 21، 25)؛ في الحقيقة، تعلن الخاتمة أن الخلق حسن جداً (الآية 31). لم يكن في الخليقة، بالطريقة التي صنعها الله بها ونظمها، أي آثار متبقية للفوضى ولا لقوى الظلمة التي تحتشد ضد الله أو الناس، فحتى الظلمة والعمق أعطيا وظائف نافعة في عالم صمم ليبارك الحياة ويحافظ عليها (انظر مز 104:‏19-26)
1:‏5 سمَّى. انظر الآيتين 8، 10. في الشرق الأدنى القديم كانت تسمية الملك لأناس أو أشياء بمثابة إعلان لسيادته عليهم (انظر تك 17:‏5، 15؛ 41:‏45؛ 2مل 23:‏34؛ 24:‏17؛ دا 1:‏7). في هذا السرد لقصة الخلق، سمى الله الحقائق الكونية العظمى مثل اليوم، والليل، والسماء، والأرض، والبحار. وترك للبشر تسمية المخلوقات التي منحهم السيادة عليها (انظر الآيتين 26، 28؛ انظر أيضاً 2:‏19 والتعليق). اليوم الأول. يقول البعض إن اليوم من أيام الخلق كان مكوناً من 24 ساعة، بينما يؤكد البعض أنه حقبة زمنية غير محددة
1:‏6 جلد. الغلاف الجوي، أو «السماء» (الآية 8)، كما تُرى من الأرض. ومن بين العبارات التصويرية الكثيرة التي استخدمت لوصفها «مرآة مسبوكة» (أي 37:‏18) و«كخيمة للسكنى» (إش 40:‏22)
1:‏7 وهكذا كان. النتيجة الوحيدة الممكنة لكلمة الله «ليكن»، سواء ذكرت صراحة (الآيات 9، 11، 15، 24، 30) أو جاءت ضمنية (انظر مز 33:‏6 والتعليق، 9)
1:‏9 موضع واحد. إشارة تصويرية إلى «البحار» (الآية 10) التي تحيط باليابسة من كل الجوانب التي تتدفق إليها مياه البحيرات والأنهار. لقد «تكونت الأرض من الماء وبالماء» (2بط 3:‏5) و«تأسست على البحار» (مز 24:‏2)، ولا يمكن للمياه أن تعبر الحدود الموضوعة لها (مز 104:‏7-9؛ إر 5:‏22)
1:‏11 أمر الله. تستخدم هذه العبارة مرتين في اليوم الثالث (الآيتان 9، 11) وثلاث مرات في اليوم السادس (الآيات 24، 26، 29). يعتبر هذان اليومان مرحلة ذروة، كما يبين ذلك التركيب التالي للفصل الأول (انظر التعليق على الآية 2 فيما يتعلق بتعبير «مشوشة ومقفرة»). جدول
أيام التشكيل
أيام التشكيل كل من العلاقات الأفقية والرأسية بين الأيام تظهر البناء الأدبي لهذا الفصل وتركز على النظام الشديد والتناغم في أعمال الله في الخلق. كجنسه. انظر الآيات 12، 21، 24-25. إن الخلق والتكاثر أمران منظمان خاضعان لأمر الله
1:‏14 فتكون علامات. بالطرق التي ذكرت هنا، وليس لها أي مدلول فلكي أو غيره من المعاني
1:‏16 نورين عظيمين. يبدو هنا أن تجنب الكلمتين «الشمس» و«القمر» متعمد، وذلك لأنهما كانا يعتبران اسمين لإلهين وثنيين ارتبطا بتلك الأجرام السماوية. إنهما يعطيان النور لذا ينبغي تقدير قيمتهما، وليسا قوتين ينبغي الخوف منهما، لأن الإله الواحد الحقيقي هو الذي صنعهما (انظر إش 40:‏26). نظراً للتركيز على النور الأكبر والنور الأصغر، فإن النجوم تكاد تذكر كأشياء لاحقة. ولكن مز 136:‏9 يشير إلى أن النجوم تساعد القمر في حكم الليل. ليشرق ... ليضيء. الملك الخالق العظيم خصص أدواراً منظِمة لبعض مخلوقاته (انظر العددين 26، 28)
1:‏17-18 الوظائف الثلاث الرئيسية للأجرام السماوية (تضيء . تتحكم . تفرق).
1:‏21 الحيوانات المائية. الكلمة العبرية التي تماثل هذه العبارة كانت تستخدم في الأساطير الكنعانية كاسم لوحش بحري مفزع. هذا الكائن كثيراً ما يستخدم رمزياً في الكتابات الشعرية في العهد القديم للإشارة إلى أحد أقوى خصوم الله. وهو يصور كوحش محلي في بلد ما (بابل، إر 51:‏34؛ أو مصر، إش 51:‏9؛ حز 29:‏3؛ 32:‏2) أو كوحش كوني (أي 7:‏12؛ مز 74:‏13؛ إش 27:‏1، رغم أن البعض ينظر إلى المثل الأخير باعتبار أنه إشارة لمصر). غير أنه في كتاب التكوين لا تصور الكائنات البحرية كأعداء مخيفة وإنما كجزء من خليقة الله الحسنة التي ينبغي أن نعجب بها (قارن بما جاء في مز 104:‏26 والتعليق)
1:‏22 انتجي وتكاثري. بركة الله للكائنات الحية الساكنة في الماء والتي تطير في الهواء، وبهذه البركة تثمر وتزدهر وتملأ الماء والهواء بالحياة (انظر التعليق على الآية 28). فإن حكم الله على مخلوقاته يدعم الحياة ويباركها
1:‏26 نصنع ... صورتنا ... كمثالنا. يتكلم الله باعتباره الملك الخالق، ويعلن عن تاج خليقته لأعضاء مجلسه السماوي (انظر تك 3:‏22؛ 11:‏7؛ إش 6:‏8؛ انظر أيضاً 1مل 22:‏19-23؛ أي 15:‏8؛ إر 23:‏18). صورتنا ... كمثالنا. ينبغي أن ندرك عدم وجود تمييز بين كلمتي «صورة» و «مثال»، إذ إنهما مترادفتان سواء في العهد القديم (تك5:‏1؛ 9:‏6) أو في العهد الجديد (1كو 11:‏7؛ كو 3:‏10؛ يع 3:‏9). وحيث إن البشر مخلوقون على صورة الله وشبهه، فإنهم جميعاً يستحقون الإكرام والاحترام؛ كما يجب عدم قتلهم (تك9:‏6) ولا لعنهم (يع 3:‏9). يتضمن معنى «الصورة» سمات مثل «البر والقداسة» (أف 4:‏24) و«المعرفة» (كو 3:‏10). وعلى المؤمنين أن يكونوا «مشابهين صورة» المسيح (رو 8:‏29) وفي يوم ما سيكونون «شبهه» (1يو 3:‏2). فيتسلط. يجب أن تُفهم بمعنى «لكي يتسلط». يضع الله في داخل عالم مخلوقاته المنظورة مخلوقاً يستطيع أن يقوم بدور الوكيل عنه في علاقته ببقية المخلوقات (1) لكي يمثل حق الله بملكه على خليقته (2) لكي يسخر أقصى إمكانياتها لمدح مجد الخالق. (في الشرق الأدنى القديم، كان الملوك يسجلون انتصارهم وغزوهم للأراضي عن طريق وضع صور لأنفسهم في المناطق التي يتم غزوها كعلامة على سلطانهم عليها). للاطلاع على تقدير الدور السامي للبشر (تحت قيادة الله) في الخليقة انظر مز 8:‏5 والتعليقات. فيما يتعلق بالتجسيد النهائي لسيادة البشر على الخليقة انظر عب 2:‏5-9 والتعليقات. فيتسلط. البشر هم قمة خليقة الله، وقد توجهم الله «بالمجد والكرامة» وجعلهم يتسلطون على بقية الخليقة (مز 8:‏5-8). وحيث إنهم مخلوقون على صورة الملك الإلهي، فقد أعطاهم السيادة على بقية المخلوقات
1:‏27 هذه الآية الشديدة الأهمية تمثل المرة الأولى التي تظهر فيها الكتابة الشعرية في العهد القديم (الذي يمثل الشعر 40 في المئة منه وربما أكثر). فخلق. استخدم هذا الفعل هنا ثلاث مرات لوصف العمل الإلهي الرئيسي في اليوم السادس (انظر التعليق على الآية 1). ذكراً وأنثى. الاثنان يحملان صورة الله على حد سواء، كما أن كليهما يشتركان في البركة الإلهية الآتي ذكرها
1:‏28 وباركهم الله ... املأوا ... وأخضعوها ... وتسلطوا. ينطلق الجنس البشري من يدي الخالق - وفي إطار بركته - ليثمروا ويملأوا الأرض بنوعهم، ويمارسوا سلطاناً على بقية المخلوقات الأرضية (انظر الآيات 26؛ 2:‏15؛ مز 8:‏6-8). وبالتالي، فإن الثقافة البشرية ليست ثقافة معادية لله (رغم أن البشر الساقطين كثيراً ما حولوا جهودهم إلى تمرد وتكبر ضد الله)، وإنما بالأحرى هي أنشطة أولئك الذين يحملون صورة خالقهم ويشاركونه في حكمه الملكي بوصفهم خداماً له. ولأنهم يمثلون الله في العالم المخلوق، فإنهم وكلاء على مخلوقاته. ومن ثم، عليهم ألا يستغلوها أو يهدروها أو ينهبوها، وإنما عليهم أن يعتنوا بها ويستخدموها في خدمة الله والبشرية
1:‏29-30 يبدو أن الناس والحيوانات يظهرون هنا باعتبارهم في الأصل كائنات نباتية (آكلة للنباتات) (انظر تك 9:‏3 والتعليق)
1:‏31 فاستحسنه جداً. انظر التعليق على عدد 4. اليوم السادس. لعل الغرض هنا التأكيد على المركز النهائي لهذا اليوم وأهميته؛ فالنص العبري يستخدم أداة التعريف لأول مرة عند الإشارة لأحد أيام الخليقة